مقدمة:

الحجامة، إحدى أقدم وسائل العلاج الطبيعي، عُرفت منذ آلاف السنين في الطب الصيني والإغريقي، ثم جاءت السُنة النبوية لتؤكد على فائدتها وتُوصي بها. ومع تطور الطب الحديث، بدأ العلماء في دراسة آثار الحجامة على صحة الإنسان، ليتبين أنها ليست فقط موروثًا ثقافيًا أو دينيًا، بل علاجًا تكميليًا له تأثيرات ملموسة في دعم الصحة العامة.


🩸 ما هي الحجامة بالضبط؟

الحجامة هي عملية سحب الدم الفاسد أو الراكد من الجسم، عبر استخدام كؤوس خاصة توضع على الجلد وتُفرغ من الهواء لخلق ضغط سلبي. هناك نوعان أساسيان:

  • الحجامة الجافة: تُستخدم فقط الكؤوس دون إحداث جروح، لتحفيز الدورة الدموية.
  • الحجامة الرطبة: تُحدث شقوق سطحية صغيرة في الجلد بعد مرحلة الكؤوس، ويُستخرج القليل من الدم الفاسد.

📜 الحجامة في الطب النبوي:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال:
“إن أمثل ما تداويتم به الحجامة” – صحيح البخاري.
وقد وردت عدة أحاديث تشير إلى توقيتات معينة للحجامة مثل أيام 17 و19 و21 من الشهر القمري، ما يعكس دقة الاختيار الزمني المتناسب مع التغيرات الفسيولوجية في الجسم.


🧬 فوائد الحجامة من منظور علمي:

رغم أن البحث العلمي في هذا المجال لا يزال في تطور، إلا أن عدّة دراسات وجدت أن الحجامة قد تؤثر بشكل إيجابي على بعض الحالات الصحية، منها:

✅ 1. تنشيط الدورة الدموية:

الحجامة تحفّز الأوعية الدموية الدقيقة، وتساعد في إزالة الدم الراكد الذي قد يسبب التهابات أو خمول.

✅ 2. تخفيف الآلام المزمنة:

تُستخدم بكثرة في حالات آلام الرقبة، الظهر، المفاصل، وحتى حالات الصداع النصفي. بعض الدراسات قارنت تأثير الحجامة بتأثير المسكنات.

✅ 3. تقوية جهاز المناعة:

تشير بعض الأبحاث إلى أن الحجامة تُحفّز إنتاج كريات الدم البيضاء، ما يساعد الجسم على مقاومة الأمراض.

✅ 4. تحسين الحالة النفسية:

بسبب تأثيرها في إزالة التوتر العصبي وتسهيل تدفق الدم، يشعر الكثيرون بالاسترخاء والراحة بعد الجلسة.

✅ 5. تنظيم الهرمونات:

تُفيد بعض النساء في علاج مشاكل مثل اضطرابات الدورة الشهرية أو التبويض، لكن دائمًا تحت إشراف مختص.


⚠️ متى لا تُنصح بالحجامة؟

رغم فوائدها، لا تصلح الحجامة للجميع. ويجب تجنبها في الحالات التالية:

  • فقر الدم الحاد.
  • الحوامل في الشهور الأولى.
  • مرضى سيولة الدم أو الذين يتناولون أدوية مضادة للتجلط.
  • وجود التهابات جلدية في منطقة التطبيق.

🕓 توقيت الحجامة:

أفضل توقيت للحجامة الرطبة يكون في الصباح الباكر، على معدة شبه فارغة. ويُستحب تطبيقها أيام 17، 19، 21 من الشهر الهجري حسب السُنة. أما الحجامة الجافة فيمكن تطبيقها في أي وقت حسب الحاجة.


🧼 شروط السلامة:

لضمان استفادة حقيقية دون مضاعفات، من الضروري:

  • أن تُجرى الحجامة في مركز مرخّص.
  • استخدام أدوات معقّمة وخاصة بكل مريض.
  • استشارة الطبيب قبل البدء، خاصة لأصحاب الأمراض المزمنة.

🧑‍⚕️ كلمة أخيرة:

الحجامة ليست بديلًا عن الطب الحديث، لكنها علاج مكمل فعّال إذا تم استخدامه بطريقة علمية ومبنية على تشخيص دقيق. تزايد الإقبال على الحجامة في مراكز العلاج الطبيعي والطب البديل، بل وحتى إدراجها في بعض العيادات الحديثة، يُثبت أن هذا العلم القديم عاد بقوة ليخدم الصحة العامة بروح علمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *